متحف قطر الوطني “وردة الصحراء”: تحفة معمارية تجسد تاريخ البلاد وتراثها الثقافي

بمجرد وصولك إلى الدوحة عبر مطار حمد الدولي وتوجهك نحو قلب المدينة مرورًا بطريق الكورنيش، ستُلفت انتباهك على الفور «وردة الصحراء» العملاقة، تلك التحفة المعمارية التي تأسر العيون بجمالها الخلاب؛ هذه التحفة هي متحف قطر الوطني، الذي استُلهم تصميمه من التراث القطري وطبيعته الجيولوجية، ليكون شاهداً على ماضي الدولة العريق ومنطقة الخليج.
يمثل المتحف إرث قطر الحضاري ويعرض جوهر الإنسان وتاريخ الأجداد العريق وحضارتهم الضاربة في جذور الزمن، التي تجعل من متحف قطر الوطني واحدًا من أهم الوجهات السياحية التي يمكن للزوار من جميع أنحاء العالم زيارتها للاستمتاع بالكنوز التاريخية واستكشاف التراث القطري من خلاله.
تم افتتاح المتحف في 27 مارس 2019 على يد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، بعد ثمانية أعوام من العمل والإبداع حيث صُمم المتحف على يد المهندس المعماري العالمي «جان نوفيل»، ليكون جوهرة الثقافة القطرية؛ وتم بناء المتحف حول قصر الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني، الذي كان مقرًا للحكم ومسكناً للعائلة الحاكمة، ليصبح جزءاً من المتحف القديم.
وقد استلهم نوفيل، الحائز على جائزة بريتزكر للهندسة المعمارية، تصميم المتحف من التكوينات الطبيعية المعروفة باسم «وردة الصحراء»، التي تتشكل بفعل تفاعل الرياح والرمال عبر الزمن. ويمتزج لون الطلاء الخارجي للمتحف مع البيئة الصحراوية القطرية، ليبدو وكأنه جزء طبيعي من الأرض الصحراوية.
كما يتميز تصميم المتحف بالأقراص المنحنية المتشابكة التي توفر ظلالًا طبيعية، مما منحه شهادة الريادة في الطاقة والبيئة من الفئة الذهبية، وشهادة 4 نجوم من نظام تقييم الاستدامة العالمي. وفي مارس 2020، حصل المتحف على جائزتين مرموقتين في حفل جوائز «أوسكار المتاحف» في برلين، ليصبح الجهة الثقافية الوحيدة التي تفوز بجائزتين في هذا الحدث.
ويمتد المتحف على مساحة 40 ألف متر مربع ويعرض تاريخ قطر عبر صالاته البالغ عددها 11، التي تأخذ الزوار في رحلة زمنية عبر التاريخ الطبيعي وما قبل التاريخ وصولاً إلى الحاضر، مقدمة تجربة استكشاف ثرية لزوار المتحف من مختلف الثقافات حيث يروي كل قسم من المتحف قصة قطر من خلال مزيج من الموسيقى، والشعر، والقصص التاريخية، إلى جانب عروض مرئية ضخمة على جدران الصالات.
وبالإضافة الى ذلك تضم الصالات مجموعة مميزة من المقتنيات الأثرية، منها سجادة بارودة الشهيرة المطرزة بأكثر من 1.5 مليون لؤلؤة، إضافة إلى المخطوطات والصور والأزياء التراثية.
ويمنح المتحف دولة قطر صوتاً للتعريف بتراثها وتعزيز رؤيتها الثقافية عالميًا، حيث يمثل مركزاً للإبداع والتفاعل المجتمعي، ومنصة غنية بالفرص التعليمية المتنوعة. وقد تم تصميم متجر الهدايا في المتحف من قبل المصمم الياباني كويتشي تاكادا، الذي استوحى تصميمه من «دحل المسفر»، ويحتوي المتجر على 40 ألف قطعة خشبية جُمعت يدويًا، لتجسد العلاقة بين الناس والطبيعة.
كما يولي المتحف اهتماماً خاصاً بذوي الإعاقة من خلال توفير تقنيات مساعدة بصرية وسمعية متطورة، ونصوص بلغة برايل، وجولات خاصة للمكفوفين. ويقدم ورش عمل وأنشطة مخصصة للأشخاص الذين يعانون من صعوبات التعلم، تتيح لهم استكشاف المتحف بسهولة.
يقع المتحف في منطقة سياحية مميزة بالقرب من متحف الفن الإسلامي وسوق واقف، ويمكن الوصول إليه بسهولة باستخدام المترو أو سيارات الأجرة، ويتيح المتحف للزوار، خصوصًا خلال فترت الفعاليات، فرصة استكشافه حيث يتيح حجز التذاكر عبر موقعه الإلكتروني بسهولة ويسر او الشراء المباشر من منافذ دخول المتحف.
تسعى هيئة متاحف قطر من خلال العديد من المبادرات إلى تصميم تجربة ثقافية مستدامة، وجعل الزوار يتحدثون عن تجربتهم الفريدة في قطر، ليعودوا إليها مرات عديدة في المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *